نحن الشيعة الإمامية وهذه عقائدنا
عقيدتنا في اللّه تعالى :
نحن نعتقد أنّ الله تعالى هو الربّ الخالق لهذا العالم وما فيه من إنس وجنٍّ وحيوان ونبات وجماد و… .
وهو الرازق، والمحيي والمميت، العادل في خلقه، الرحيم بعباده، فلا يكلّف نفساً إلاّ وسعها، لم يزل ولا يزال، له الخلق والأمر، وحده لا شريك له في خلقه، ولا شبيه له ولا نظير، ( لم يلد و لم يولد ولم يكن له كفواً أحداً) .
ليس بجسم فيحلّ بمكان، وهو يُدرك الأبصار ولا تُدركه الأبصار، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو السميع البصير، العالم القدير.
عقيدتنا في الدين الإسلامي :
ونعتقد أنّ الإسلام سبيل السعادة والسلام في الدنيا والآخرة، وأنّه الدين الذي ارتضاه الله لخلقه أجمعين (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الإِْسْلامُ)(1) (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(2) .
وفي الدين الإسلامي المتمثّل في الكتاب والسنّة المتمثلة في ما ورد عن النّبي(صلى الله عليه وآله)وأهل البيت النبوىّ(عليهم السلام): مَن أحكام وتعاليم وآداب وفرائض وحكم تضمن للإنسان سعادة الدارين، ولسنا نجدها في دين من الأديان المعاصرة، فنحن نبرأ إلى الله تعالى من كلّ دين ونظام سواه.
عقيدتنا في نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله) :
نحن نعتقد أنّ نبيّنا(صلى الله عليه وآله) محمّد بن عبد الله سيّد الأنبياء وخاتم المرسلين، فلا نبىّ بعده، وأنّه معصوم من الخطأ والزلل في القول والعمل (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(3) .
وأنّ الرادّ عليه كافر بالله وبرسوله وإن ادّعى الإسلام وتظاهر به.
وقد بعث الله رسوله(صلى الله عليه وآله) رحمةً للعالمين وبشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
عقيدتنا في القرآن الكريم :
الموجود اليوم بين المسلمين في كلّ مكان أنّه كلام الله ووحيه، جاء به جبرئيل(عليه السلام) من عند الله تعالى إلى نبينا(صلى الله عليه وآله)ليهدي به الخلق إلى الحقّ وإلى الصراط المستقيم. وفيه من العلوم والمعارف ما تضمن للعامل به سعادة الدارين ما لا يجده في غيره.
وهو المصدر الأوّل لأحكام الشريعة الإسلامية عندنا. ويجب على كلّ مسلم الرجوع إليه والعمل بمحكماته وأوامره ونواهيه، وهو ما بين الدفتين، وليس بأكثر من ذلك ولا أقلّ، وكلّ من حاد عنه ضلّ عن الإسلام وعن الصراط المستقيم، فنحن نبرأ إلى الله تعالى منه (4) .
عقيدتنا في الخلافة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) :
نحن نعتقد أنّ الخلافة والنيابة عن الرسول(صلى الله عليه وآله)لا تثبت في الشريعة الإسلامية لأحد باختيار الناس له; لأنّ الإمام والخليفة القائم مقام الرسول(صلى الله عليه وآله) هو حجّة الله على الناس أجمعين، يجب عليهم طاعة أوامره وتجنّب نواهيه، كما يجب عليهم ذلك بالنسبة إلى الرسول(صلى الله عليه وآله)من دون فرق، لذلك يجب أن يكون معصوماً من الذنوب كلّها صغيرها وكبيرها، ليليق بهذا المقام الرفيع كالرسول(صلى الله عليه وآله)نفسه، ولا سبيل لأحد إلى معرفة المعصوم من الناس إلاّ الله تعالى وحده علاّم الغيوب، فخلافة غير المعصوم عندنا باطلة، هذا أولاً.
وثانياً: أنّ أمر الإمامة والخلافة كأمر النبوّة والرسالة دون فرق، لأنّ الخليفة قائم مقام الرسول(صلى الله عليه وآله) في تأدية رسالته إلى الناس كافة، فكما أنّه تعالى هو الذي يختار من عباده من يراه أهلاً للنبوّة والرسالة، فيبعثه رسولاً هادياً إلى خلقه، كذلك هو الذي يختار من يراه أهلاً لأن يُقيمه مقام رسوله من بعده.
دليلنا على هذا قوله تعالى: (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ)(5).
وقال تعالى: (وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً)(6) .
وقال تعالى لإبراهيم(عليه السلام): (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً)(7) .
ونعتقد أنّ هذا حقّ، وما خالفه باطل وضلال.
قال الله تعالى: (فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأنّى تُصْرَفُونَ)(8) .
ونعتقد أنّ نبيّنا(صلى الله عليه وآله) نصّ على الخليفة والإمام من بعده مراراً، وذكره باسمه، وهو الإمام علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ولم يفعل ذلك محاباةً منه وحاشاه(صلى الله عليه وآله)من ذلك، وإنّما فعل ذلك بأمر من الله تعالى، وفيه قال الله تعالى: (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(9) .
ومن النصوص التي نصّ بها على إمامنا الإمام علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)بالإمامة والخلافة من بعده قوله(صلى الله عليه وآله): ( إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثني عشر، أوّلهم أخي، وآخرهم ولدي( .
قيل: يا رسول الله ومَن أخوك؟ قال: ( عليّ ابن أبي طالب». قيل: فمن ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً و ظلماً)(10) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( يا عليّ، مَن قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني، لأنك منّي كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، وأنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلقك من نوره، واصطفاني واصطفاك، فاختارني للنبوّة، واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي)(11) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( إنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي وينجز عدتي، ويقضي ديني، علىّ بن أبي طالب)(12) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إليّ في عليٍّ ثلاثة أشياء ليلة اُسري بي: أنّه سيد المؤمنين، وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين)(13) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( يا عليّ، حربك حربي، وسِلمك سلمي، وأنت العلم بيني وبين اُمّتي)(14) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( لا يبلّغ عنّي إلاّ رجل من أهل بيتي)(15) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( أيّها الناس، أتعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم؟ من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) .
فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك يا عليّ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (16) .
ومنها: أنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ، وهو وليّ كل مؤمن بعدي، فلا تخالفوه في حكمه)(17) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله) لعلىّ(عليه السلام): ( أنت تؤدّي عنّي، وتُسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ) (18) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله) له:( أنت أخي، ووصيّي، ووارثي، وخليفتي من بعدي)(19) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( إنّ هذا أخي، ووصيّي، وخليفتي، فاسمعوا له وأطيعوا)(20) .
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ( أنا مدينة العلم وعلىّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها)(21) .
بهذا العدد القليل من تنصيصه(صلى الله عليه وآله) على الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب بالإمامة والخلافة من بعده نكتفي، ونحيل الراغب في الوقوف على أكثر منها، وعلى أقوال بعض علماء السنّة في تأييدها، إلى كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) .
وفي القرآن الكريم آيات تنمّ عن فضل الإمام(عليه السلام)على غيره من المسلمين، وكلّ واحدة منها حجّة للعاقل على وجوب الرجوع إليه(عليه السلام)بعد ابن عمّه الرسول(صلى الله عليه وآله)، واتّخاذه خليفةً له وإماماً للمسلمين، لو لم ينصّ الرسول(صلى الله عليه وآله) عليه بالخلافة، كيف وقد تواترت النصوص عليه فيها؟!
وإليك بعض الآيات الكريمة: منها: آية المودّة، وهي قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(22) وهذه الآية الكريمة تفرض مودّته(عليه السلام)على جميع المسلمين، فهو(عليه السلام)ابن عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومن أقرب الناس إليه. وأعزّهم عليه، وزوج ابنته وأبو سبطيه.
ومنها: آية التطهير، وهي قوله تعالى: (إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(23) وعلىّ(عليه السلام) من أهل البيت(عليهم السلام)المطهّرين من كلّ رجس ودنس، فهو الجدير بإمامة الاُمّة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) لا سواه.
ومنها: آية المباهلة، وهي قوله تعالى: (فَمَنْ حاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)(24) ، فقد جعل الله تعالى عليّاً(عليه السلام) في هذه الآية الكريمة بمنزلة نفس رسوله(صلى الله عليه وآله) .
والدليل على ذلك: أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) لمّا خرج للمباهلة مع نصارى نجران أخرج معه عليّاً(عليه السلام)وفاطمة(عليها السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام)، فأبان بذلك أنّ المراد من أنفسنا: علىّ(عليه السلام)، ومن أبنائنا: الحسن والحسين(عليهما السلام)، ومن نسائنا: فاطمة(عليها السلام)(25) .
فمن جعله الله بمنزلة نفس رسوله المصطفى من خلقه ألا يحكم العقل بوجوب خلافته عن الرسول(صلى الله عليه وآله)من بعده، وقبح تقديم غيره عليه؟
وقد نال الإمام أميرالمؤمنين علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)إعجاب رجالات مرموقة من غير المسلمين، لِما أدركوا فيه من صفات فاضلة لم تكن في واحد من المسلمين، كما هي فيه، فأطروه بكلمات عبّروا فيها عن إعجابهم بشخصيته الفذّة في التاريخ البشري، نذكر أسماء البعض منهم، ونحيل القارئ النبيل إلى معرفة الآخرين منهم إلى كتابنا (المثل الأعلى: الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) .
منهم: الفيلسوف الملحد شبلي شمّيل قال في الإمام(عليه السلام): الإمام علىّ بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة لم يرَ لها الشرق ولا الغرب صورةً طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً (26) .
ومنهم: جرجي زيدان الكاتب المسيحي الشهير، قال: رجل جمع إلى كرامة الخلافة شرف النسب، وأحرز من العلم ما لم يحرزه أحد من المسلمين في ذلك العهد، أليس هو ابن عمّ الرسول وخليفته وصهره؟! أليس هو ذلك العالم التقيّ العادل المخلص الغيور على الإسلام والمسلمين؟!(27) .
ومنهم: أمير البيان شكيب أرسلان، قال: وألا فقل: إن وجد في التاريخ البشري مثل عليّ بن أبي طالب في كمال صفاته وعلوّ مزاياه، وكثرة فضائله، ومن كان يقدر أن يقول في علىّ شيئاً؟(28) .
ومنهم: الاُستاذ ميخائيل نعيمة، قال: رأيي في الإمام ـ كرّم الله وجهه ـ أنّه من بعد النبىّ سيّد العرب على الإطلاق، بلاغةً، وحكمةً، و تفهّماً للدين، وتحمّساً للحقّ، وتسامياً عن الدنايا… .
ليست بين العرب من صَفَت بصيرته صفاء بصيرة الإمام علىّ… إنّ عليّاً لَمِن عمالقة الفكر والروح والبيان في كلّ زمان ومكان…(29) .
وقد ألّفت جماعة كبيرة من غير الشيعة كتباً في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)نوّهت فيها بشخصيته الفذّة. ذكرتُ أسماء أكثر من مائة وخمسين كتاباً منها في كتاب (علي إمامنا وإمامكم أبوبكر) فمن أراد التعرّف عليها فليرجع إليه.
كما وقد رفضت جماعة كبيرة من السنّة أتباع المذاهب الأربعة مذاهبها بعد أن اعتقدت بطلانها، واعتنقت مذهب الشيعة الإمامية لظهور الحقّ فيه وانحصاره به، وللتعرّف على هؤلاء وعلى الأسباب التي دعتهم إلى ترك مذاهبهم، واختيارهم مذهب الشيعة الإمامية المذهب الإسلامي الأصيل، راجع كتابنا (لماذا اخترنا مذهب الشيعة الإمامية) .
وقد ورد عن نبيّنا(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (ستفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين فرقةً، فرقة منها ناجية والباقية في النار).
وقد صرّح الترمذي والحاكم وهما من أعلام السنّة بصحّته (30) .
وقال حذيفة بن اليمان(رضي الله عنه) وهو من صحابة الرسول(صلى الله عليه وآله): اُنظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علىّ، فالزموها فإنّها على الحقّ(31) ، ولم تدعُ إلى أمر عليٍّ(عليه السلام) من الفرق الثلاث والسبعين سوى الشيعة الإمامية، ولذلك قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (شيعة عليٍّ هم الفائزون يوم القيامة)(32) .
وقال(صلى الله عليه وآله) لعليّ: ( أنت وشيعتك في الجنّة) (33) .
وقال(صلى الله عليه وآله) لعلىّ(عليه السلام): ( أنت وشيعتك تَرِدون عَلَيَّ الحوض رواءً)(34) .
وقال(صلى الله عليه وآله) له: ( أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيِّين) (35) .
قال السيوطي: أخرج ابن عَدِيٍّ عن ابن عباس قال: لمّا نزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)(36) .
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليّ(عليه السلام): ( هو أنت وشيعتك…) (37) .
ونحن الشيعة الإمامية نحمد الله تعالى أن هدانا لدينه الذي ارتضاه لعباده، وجعلنا من شيعة أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)وأبنائه المعصومين عترة رسوله(صلى الله عليه وآله)«ونسأله الثبات عليه حتّى الموت، لِنَرِدَ على نبيّنا(صلى الله عليه وآله)الحوض يوم القيامة رواءً راضين مرضيِّين.
عقيدتنا في إمام هذا العصر :
نحن نعتقد أنّ إمامنا اليوم وما بعد اليوم هو الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري(عليهما السلام)، وهو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، لقوله(صلى الله عليه وآله): ( إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاَثني عشر، أوّلهم أخي، وآخرهم وَلَدي) .
قيل: يا رسول الله ومَن أخوك؟ قال: ( عليّ ابن أبي طالب)، قيل: فمن ولدك؟ قال: ( المهدي، الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) (38) .
وإنّه(عليه السلام) غائب عن الأبصار بأمر من الله تعالى، يرى الناس ويرونه، غير أنّهم لايعرفونه، ولا يزال غائباً حتّى يأذن الله له بالخروج، فيظهر عندما تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً، فيملؤها قسطاً وعدلاً، كما أخبر بذلك الرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمّة من بعده.
ونحن لا نستبعد بقاءه وقد مضى على عمره ألف ومائة وسبعون عاماً، فإنّ الله تعالى أخبرنا في كتابه الكريم عن نبيّه يونس(عليه السلام) فقال: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(39) فإذا أمكن أن يعيش الإنسان في بطن الحوت إلى يوم القيامة، فكيف لا يبقى الإمام المهدي(عليه السلام) في الدنيا إلى ما شاء الله أن يعيش فيها؟!
وقال تعالى في نوح(عليه السلام): (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاّ خَمْسِينَ عاماً) (40) .
فمنكر بقاء الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام)عجّل الله له الأمر، رادّ على الله تعالى وعلى رسوله(صلى الله عليه وآله)، والرادّ على واحد منهما كافر عندنا، ونحن نبرأ إلى الله تعالى منه.
وقد كتب الشيعة الإمامية حول الإمام المهدي المنتظر ـ عجّل الله فرجه ـ كتباً قديماً وحديثاً، منها: كتاب (البرهان على وجود صاحب الزمان) للسيد محسن الأمين العاملي طاب ثراه، وكتاب «منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر» لشيخنا الأجل الصافي الگلپايگاني دام ظلّه ، وكلّ واحد منهما يغني الطالب حول البحث عن الإمام المنتظر وإثبات وجوده(عليه السلام) .
عقيدتنا في الجاهل بأحكام الدين :
يجب عليه في عصر غيبة الإمام المهدي(عليه السلام)لأخذ الأحكام الشريعة الرجوع إلى من أمرنا أئمّتنا(عليهم السلام)بالرجوع إليه، فقد جاء عنهم(عليهم السلام): ( وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللِعَوامّ أن يقلّدوه) .